بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد النبى الأمى الهادى الأمين الذى صدق بالرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وأزال الله به الغمة
نكمل بإذن الله تعالى عتيق النار
لم تشهد الصحراء فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم نفسه مثيلا للمعارك الطاحنة التى شهدها عهد الصديق رضى الله عنه .
فقد اتسعت ميادينها وتتابعت أمدادها وفدحت مغارمها وكثرت ضحاياها .
إلا أن الرجال الذين رباهم خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم على معرفة الحق والفناء فيه صدقوا الله فى عملهم ونهضوا كأعتى الأبطال بالأثقال الباهظة التى رموا بها وضربوا الوثنية فى الجزيرة ضربة كسرت فقارها واعتصرت روحها فهمدت إلى الأبد ، وطردوا الرومان عن الحدود .
كسروا شوكة المرتدين فعاد من عاد إلى الإسلام وهلك من هلك بعيدا عنه وما هى إلا سنوات قلائل حتى كان الإسلام ملء البر والبحر ملء السمع والبصر بينما عاشت الأديان الأخرى على هامش الحياة .
وبسبب مقتل كثير من صحابه النبى ممن يحملون القرآن فى صدورهم قرر الصديق
:ـ جمع القرآن :ـ
أخرج البخارى ، عن زيد بن ثابت ، قال : "أرسل إلىَّ أبو بكر الصديق بعد مقتل أهل اليمامة ، وعنده عمر فقال أبو بكر :"إن عمر أتانى فقال:قد استحر يوم اليمامة بالناس ، وإنى أخشى أن يستحر القتل بالقراء فى الموطن فيذهب كثير من القراء إلا أن يجمعوه وإنى لأرى أن يجمع القرآن ".
قال أبو بكر :" فقلت لعمر : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال عمر : هو والله خير ، فلم يزل عمر يراجعنى حتى شرح الله صدرى فرأيت الذى رأى عمر .
قال زيد : وعمر عنده جالس لا يتكلم ، فقال أبو بكر : إنك شاب عاقل وقد كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه ، فوالله لو كلفنى بنقل جبل من الجبال ما كان أثقل علىَّ مما أمرنى به ،
فقلت : كيف تفعلان شيئا لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم ؟
فقال أبو بكر : هو والله خير ، فلم يزل يراجعنى حتى شرح الله صدره للذى شرح له صدر أبى بكر وعمر ، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة بن ثابت لم أجدهما مع غيره { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخرها سورة التوبه : 128 ، 129
فكانت الصحف التى جمع فيها القرآن عند أبى بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر رضى الله عنها
وأخرج أبو يعلى عن على رضى الله تعالى عنه قال:" أعظم الناس أجرا فى المصاحف أبو بكر إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين لوحين .
وهكذا جمع القرآن فى عهد الصديق الذى صدق الله ورسوله
ـ :خوف الصديق من تناول الحرام :ـ
تحكى أم المؤمنين الطاهرة المطهرة الصديقة بنت الصديق رضى الله عنها وعن أبيها أبى بكر ، فتقول : " كان لأبى بكر الصديق رضى الله عنه غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوما بشيء فأكل منه الصديق .
فقال له الغلام : أتدرى ما هذا ؟
فقال الصديق : وما هو ؟
قال : كنت تكهنت لإنسان فى الجاهلية وما أحسن الكهانة ، إلا إنى خدعته فلقينى فأعطانى لذلك هذا الذى أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء فى بطنه . رواه البخارى
الخراج : شيء يفرضه المالك على عبده يؤديه إليه كل يوم مما يكتسبه ، وباقى كسبه يأخذه لنفسه ـ : إنفاقه فى سبيل الله :ـ
مواقفه رضى الله تعالى عنه كثيرة لا تعد ولا تحصى فى إنفاقه السخى
1ـ قوله تعالى :{ وسيجنبها الأتقى الذى يؤتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا إبتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى }
قال الإمام القرطبى :" والأكثر أن السورة نزلت فى أبى بكر ، رضى الله عنه ".
وقيل أن أمية بن خلف كان يعذب بلالا وبلال يقول (أحدٌ أحدٌ) فمر به النبى صلى الله عليه وسلم فقال :" أحد ينجيك يعنى الله ". ثم قال للصديق :" يا أبا بكر إن بلالا يعذب فى الله ".
فعرف الصديق مقصد النبى صلى الله عليه وسلم فانصرف إلى منزله وأخذ رطلا من ذهب ومضى إلى أمية بن خلف واشترى منه بلالا وأعتقه فقال المشركون ما اشتراه إلا ليد كانت له عنده فنزلت هذه الآيه { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } إلى آخر الآية .
ولحياة الصديق التى لو سطرت بمداد لن ننتهى من أعماله الجليلة ولنا بقية إن قدر لنا البقاء بإذن الله تعالى
ربنا إجمعنا مع رسولنا الكريم والصديق واحشرنا يا ربنا فى زمرة الصالحين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ز.