ظهور الفتن مــــــــــــــــــــــا ظهر منها وما بطن

ظهور الفتن
بسم الله والصلاة والسلام على خير الأنام من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له يا رب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
الفتن وما نلاقيه منها فى هذا الزمان معنى الفتنة :
الفتنة أصلها مأخوذ من فتنت الفضة والذهب أى أذابتها بالنار لتميز الخبيث من الرديء
قال ا بن الأعرابى الفتنة هي الاختبار والفتنه المحنة والفتنة المال والفتنة الأولاد والفتنة الكفر والفتنة اختلاف الناس بالآراء والفتنة الإحراق بالنار وقيل الفتنة الظلم والفتنة الضلال والإثم والفتنة ا لإضلال وقوله عز وجل :" ما أنتم عليه بفاتنين ".
والفتنة الفضيحة .
والفتنة العذاب نحو تعذيب الكفار ضعفاء المؤمنين فى أول الإسلام ؛ليصدوهم عن الإيمان .
والفتنة ما يقع بين الناس من القتال .وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم :"إني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر ".
فإنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين إذا تحزبوا وما يبلون به من زينه الدنيا وشهواتها فيفتنون بذلك عن الآخرة والعمل لها .
من حديث أبى موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى فيها كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح فيها كافرا القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خيرا من الماشي والماشي فيها خير من الساعي فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحجارة فإن دخل على أحدكم فليكن كخير ابني آدم ".
وفى الحديث الذي رواه البخاري من حديث أم سلمى رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : استيقظ النبي صل الله عليه وسلم ذات ليلة فزعا وهو يقول :" سبحان الله ! ماذا أنزل الله الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن ؟ أيقظوا صواحبات الحجر ـ أى من يوقظ زوجات النبي الطاهرات ؛ لكي يصلين ـ فرب كاسية فى الدنيا عارية فى الآخرة ".
فقد رأى النبي فى هذه الليلة الكثير من الفتن التي وصفها كأنها قطع الليل الأسود المظلم لذا أراد أن يوقظ نساءه ليصلين لله تعالى .
وذكر الحافظ فى تفسير كلمة النبي رب كاسية فى الدنيا عارية فى الآخرة أى : تلبس لباسا ضيقا أو ثيابا شفافة تظهر هذه الثياب عورتها إما لضيقها أو لشفافيتها فيظهر الله تعالى عورتها يوم القيامة .
وقيل رب كاسية فى الدنيا عارية أى كاسية فى الدنيا بالنعم وفى الآخرة عارية بسبب عدم شكرها لهذه النعم فهي فى الآخرة عارية .
وفى الحديث الذي رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال : نادي منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة ( وإذا نادي المنادى بهذا النداء ؛ يعلم الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم سيخبر عن أمر قد وقع أو يخبر بتشريع جديد ) .
يقول عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه فاجتمعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال بأبي وأمي :" إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل فى أولها ـ فخير القرون قرن النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذي يليه ثم الذي يليه ـ وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجئ فتنة فيرقق بعضها بعضا ".
معنى ذلك أنه قد تقع الفتنة العظيمة التي تخلع القلوب وتصيب المؤمن بالذهول ثم سرعان ما تقع فتنة أخرى أعصف فتنسى الفتنة الأولى " فيرقق بعضها بعضا " فينظر المسلم إلى الفتنة الجديدة إلى هولها وفظاعتها وبشاعتها فيرى أن الفتنة الأولى التي سبقت لا شيء إلى جوار الفتنة الجديدة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فالإنسان يحتاج إلى تجديد الإيمان فى قلبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الإيمان ليخلق فى جوف أحدكم كما يخلق الثوب ـ أى يبلى الثوب ـ فاسألوا الله أن يجدد الإيمان فى قلوبكم ".
وفى الحديث الذي رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعدد الفتن :" منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا ـ أى لا يتركن شيئا ـ ومنهن فتن كرياح الصيف ومنها صغار ومنها وكبار ".
يعنى : الفتن متفاوتة فى قوتها كرياح الصيف فمنها ما هو شديد ومنها ما هو صغير ولذلك قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفتن تشتد وأن البلاء قد يزيد لدرجة أن يتمنى العبد المسلم إذا مر على قبر الرجل أن لو كان مكانه .
ففي حديث الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل على قبر أخيه فيقول : يا ليتنى كنت مكانه ".
فقد سمعنا هذه الكلمة تكرارا ومرارا من كثير من الناس مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن أن يتمنى العبد الموت لضر وقع به !!.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خير لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ".
ولا تعارض بين الروايتين فإن النبي نهى تمنى الموت بسبب القنوت أو اليأس .
وسنكمل بإذن الله تعالى فى المرة القادمة مصدر الفتن ومنبعها .
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك
اللهم اجعلنا من خاصتك وتب علينا يا ربنا إنك أنت التواب الرحيم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين