وصية الإمام الشافعى لمؤدب الأمراء
قال نهشل بن كثير : أدخل الشافعى يوما إلى بعض حجر هارون الرشيد ليستأذن على أمير المؤمنين ، ومعه سراج الخادم ، فأقعده عند أبى عبد الصمد مؤدب أولاد الرشيد ، فقالسراج للشافعى : يا أبا عبد الله !هؤلاء أولاد أمير المؤمنين وهذا مؤدبهم فلو أوصيته بهم ، فأقبل الشافعى على أبى عبد الصمد فقال له : ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد الأمير إصلاح نفسك ، فإن عيونهم معقودة بعينيك ، فالحسن عندهم ما تستحسنه ، والقبيح عندهم ما تركته ، علمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه ، ولا تتركهم منه فيهجروه ،ثم روهم من الشعر أعفه ، ومن الحديث أشرفه ، ولا تخرجنهم من علم إلى غيره حتى يحكموه ، فإن ازدحام الكلام فى السمع مضله للفهم .
عليك بتقوى الله
قال الربيع : قال الشافعى : يا ربيع ! رضا الناس غاية لا تدرك ، فعليك بما يصلحك فالزمه ، فإنه لا سبيل إلى رضا هم ، واعلم أن من تعلم القرآن جل فى عيون الناس ومن تعلم الحديث قويت حجته ، ومن تعلم النحو هيب ، ومن تعلم العربية رق طبعه ، ومن تعلم الحساب جل رأيه ، ومن تعلم الفقه نبل قدره ، ومن لم يضر نفسه لم ينفعه علمه ، وملاك ذلك كله التقوى .
هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة
قال الزعفرانى : سمعنا الشافعى يقول : حكمى فى أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم على العشائر ينادى عليهم : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام .
نصيحة غالية
قال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعى يقول : يا يونس الإنقباض عن الناس مكسبة للعداوة ، والإنبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء ، فكن بين المنقبض والمنبسط ......... رضا الناس غاية لا تدرك وليس إلى السلامة منهم سبيل ، فعليك بما ينفعك فالزمه .
كلمات الشافعى فى مرض موته فأنشد قائلا
ولما قسى قلبى وضاقت مذاهبى
جعلت رجائى دون عفوك سلما
تعاظمنى ذنبى فلما قرنته
بعفوك ربى كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجود وتعفو منه وتكرما
فإن تنتقم منى فلست بآيس
ولو دخلت نفسى بجرمى جهنما
ولولا لم يغو بإبليس عابد
فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإنى لآتى الذنب أعرف قدره
وأعلم أن الله يعفو ترحما