منكروا البعث أربعة أصناف
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونسترضيه ونتوب إليه ونستغفره من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وصلاة وسلاما على المصطفى خير من طلعت عليه شمس وغربت وخير من مشى على الأرض فازدهرت
أخوتى فى الله البعث حق بعد الموت والمؤمن الصادق لا ينكر تلك الحقيقة ولكن هنا أصناف من الناس تنكر هذا أعاذنا الله وإياكم منهم وهم أربعة أصناف منكرون للبعث
الصنف الأول :ـ
صنف أنكروا المبدأ والمعاد وزعموا أن الأكوان تتصرف بطبيعتها فتوجد وتعدم بأنفسها ليس لها رب يتصرف فيها إنما هى أرحام تدفع وأرض تبلع وهؤلاء هم جمهور الفلاسفة الدهرية والطبائعية .
الصنف الثانى :ـ
من الدهرية طائفة يقال لهم الدورية وهم منكرون للخالق أيضا ويعتقدون أن فى كل ستة وثلاثين سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى فكابروا فى المعقول وكذبوا فى المنقول قبحهم الله تعالى : وهاتان الطائفتان يعمهم قوله تعالى فى محكم آياته :" وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ".وفسر بعض السلف الصالح هذه الآية لتفسيرين :
المعنى الأول : معنى قولهم " نموت ونحيا " أى : يموت الآباء ويحيى الأبناء هكذا أبدا وهو قول الطائفة الأولى .
المعنى الثانى :أنهم عنوا كونهم يموتون ويحيون هم أنفسهم ويتكرر منهم ذلك أبدا ولا حساب ولا جزاء بل لا موجود ولا معدوم ولا محاسب ولا مجازى وهذ قول الدورية!!
الصنف الثالث :ـ
الدهرية من مشركى العرب ومن وافقهم وهم مقرون بالبداءة وأن الله ـ تبارك وتعالى عما يشركون ـ ربهم وخالقهم :" ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ".
ومع هذا قالوا :"إن هى إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين ".
فأقروا بالبداءة والمبدئ وأنكروا البعث والمعاد وهم المذكرون فى حديث أبى هريرة الصحيح :"وأما تكذيٍِبَهُ إياى فقوله : لن يعيدنى كما بدأنى وليس أول الخلق على بأهون على من إعادته ".
الصنف الرابع :ـ
ملاحدة الجهمية ومن وافقهم أقروا بمعاد ليس على ما فى القرآن ولا فيما أخبرت به الرسل عن الله عز وجل بل زعموا أن هذا العالم يعدم عدما محضا وليس المعاد بل هو عالم آخر غيره فحينئذ تكون الأرض التى تحدث أخبارها وتخبر بما عمل عليها من خير ومن شر ليست هى هذه وتكون الأجساد التى تعذب وتجازى وتشهد على من عمل بها المعاصى ليست هى التى أعيدت بل هى غيرها والأبدان التى تنعم فى الجنة ليست هى التى عملت الطاعة ولا أنها تحولت من حال إلى حال بل هى غيرها وقال ابن القيم فيهم كافيته
وقضى بأن الله يجعل خلقه عدما ويقلبه وجودا ثانى
العرش والكرسى والأرواح والأملاك والأفلاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر الأكوان من عرض ومن جثمان
كل سيُِِفنيه الفناء المحض لا
لا يبقى له أثر كظل فان
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا محض الوجود إعادة بزمان
هذه يا أخوتى من الفتن وأكبرها اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
اللهم إنا نعلم أنك حق وملائكتك حق وكتبك التى أنزلت حق ورسلك التى أرسلت حق ونشهدك يا ربنا أن الموت حق والبعث حق والحساب حق والجنة حق والنار حق
فنجنا يا ربنا من العذاب الحق ومن نارك الحق وأدخلنا جنتك الحق بغير حسابك الحق ولا سابقة من عذابك الحق
وصل يا ربنا على رسولك المصطفى الذى بعثته بالحق
وآخر دعونا يا ربنا إجعلها لنا حق الحمد لله رب العالمين