كلمات على فراش الموت
قيل لعبد الملك بن مروان فى مرضه الذى مات فيه : كيف تجدك يا أمير المؤمنين ؟ قال : أجدنى كما قال الله تعالى : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولنا كم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاء كم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ). ثم مات .
ولما حضرت معاذا ـ رضى الله تعالى عنه ـ الوفاة قال : اللهم إنى كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك . اللهم إنك تعلم إنى لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجرىالأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر .
ولما حضرت بلالا الوفاة قالت امرأته : وا حزناه ، فقال : بل واطرباه ، غدا ألقى الأحبه محمدا وحزبه .
وحكى عن هارون الرشيد انتقى أكفانه بيده عند الموت ، وكان ينظر إليها ويقول :"ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه "
هكذا كانوا يرون الحقيقة الكبرى " الموت " واضحة جلية جلاء الشمس فى رابعة النهار .
بل هذا الإمام ابن الجوزى يبكى عند الموت فيقول له تلاميذه : يا إمام ، ألست قد فعلت كذا وكذا ؟ فقال : والله إنى لأخشى أن أكون فرطت ونافقت فيحق على قول الحق تعالى :" وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ".
ثم قال : ولقد تاب على يدى فى مجالس الذكر أكثر من مائتى ألف وأسلم على يدى أكثر من مائتى نفس .
وكم سالت عين متجبر بوعظى لم تكن تسيل . ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام . وربما لاحت أسباب الخوف بنظرى إلى تقصيرى وزللى ولقد جلست يوما فرأيت حولى أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه أو دمعت عينه ، فقلت لنفسى : كيف بك إن نجوا وهلكت : فصحت بلسان وجدى : إلهى وسيدى إن قضيت على بالعذاب غدا فلا تعلمهم بعذابى ، صيانة لكرمك لا لأجلى ، لئلا يقولوا : عذ ب الله من دل عليه .
إلهى لا تعذبنى فإنى مقر بالذى قد كان منى
إلهى لاتعذبنى فإنى مقر بالذى قد كان منى
إلهى لاتعذبنى فإنى مقر بالذى قد كان منى
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك يا أرحم